ثم رفع فوقهم الطور، والقصة مذكورة مرتين في سورة البقرة (آية 63، 93).
ثم قال تعالى: " وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا " والقصتان مذكورتان في سورة البقرة (آية: 58 - 65) وسورة الأعراف (161 - 163) وليس من البعيد أن يكون الميثاق المذكور راجعا إلى القصتين وإلى غيرهما فإن القرآن يذكر أخذ الميثاق منهم متكررا كقوله تعالى: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله " الآية البقرة: 83، وقوله تعالى " وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكوا دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون " (البقرة: 84).
قوله تعالى: " فبما نقضهم ميثاقهم "، الفاء للتفريع والمجرور متعلق بما سيأتي بعد عدة آيات - يذكر فيها جرائمهم - من قوله " حرمنا عليهم " والآيات مسوقة لبيان ما جازاهم الله به من وخيم الجزاء الدنيوي والأخروي، وفيها ذكر بعض ما لم يذكر من سننهم السيئة اولا.
وقوله " فبما نقضهم ميثاقهم " تلخيص لما ذكر منهم من نقض المواثيق ولما لم يذكر من المواثيق المأخوذة منهم.
وقوله " وكفرهم بآيات الله " تلخص لأنواع من الكفر كفروا بها في زمن موسى عليه السلام وبعده قص القرآن كثيرا منها، ومن جملتها الموردان المذكوران في صدر الآيات أعني قوله " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة " وقوله " ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات " وإنما قدما في الصدر، واخرا في هذه الآية لان المقامين مختلفان فيختلف مقتضاهما فإن صدر الآيات متعرض لسؤالهم تنزيل كتاب من السماء، وذكر سؤالهم أكبر من ذلك وعبادتهم العجل أنسب به وألصق، وهذه الآية وما بعدها متعرضة لمجازاتهم في قبال أعمالهم بعد ما كانوا أجابوا دعوة الحق وذكر أسباب ذلك، والابتداء بذكر نقض الميثاق أنسب في هذا المقام وأقرب.
وقوله " وقتلهم الأنبياء بغير حق " يعنى بهم زكريا ويحيى وغيرهما ممن ذكر القرآن قتلهم إجمالا من غير تسمية.
وقوله " وقولهم قلوبنا غلف " جمع أغلف أي في أغشية تمنعها عن استماع الدعوة النبوية، وقبول الحق لو دعيت إليه، وهذه كلمة ذكروها يريدون بها رد الدعوة، وإسناد