وهو المالك لكل شئ المتصرف فيه كيفما شاء ولما شاء ان يشأ أن يعبد ويتقى ولم تقوموا بذلك حق القيام فهو قادر أن يؤخركم ويقدم آخرين يقومون لما يحبه ويرتضيه، وكان الله على ذلك قديرا.
وعلى هذا فالآية ناظرة إلى تبديل الناس ان كانوا غير متقين بآخرين من الناس يتقون الله، وقد روى (1) أن الآية لما نزلت ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على ظهر سلمان وقال:
انهم قوم هذا. وهو يؤيد هذا المعنى، وعليك بالتدبر فيه.
وأما ما احتمله بعض المفسرين. ان المعنى: إن يشأ يفنكم ويوجد قوما آخرين مكانكم أو خلقا آخرين مكان الانس، فمعنى بعيد عن السياق. نعم، لا بأس به في مثل قوله تعالى: " ألم تر ان الله خلق السماوات والأرض بالحق ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز " (إبراهيم - 20).
قوله تعالى: " من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا " بيان آخر يوضح خطأ من يترك تقوى الله ويضيع وصيته بأنه ان فعل ذلك ابتغاء ثواب الدنيا ومغنمها فقد اشتبه عليه الامر فإن ثواب الدنيا والآخرة معا عند الله وبيده، فما له يقصر نظره بأخس الامرين ولا يطلب أشرفهما أو إياهما جميعا؟ كذا قيل.
والأظهر أن يكون المراد - والله أعلم - أن ثواب الدنيا والآخرة وسعادتهما معا إنما هو عند الله سبحانه فليتقرب إليه حتى من أراد ثواب الدنيا وسعادتها فإن السعادة لا توجد للانسان في غير تقوى الله الحاصل بدينه الذي شرعه له فليس الدين إلا طريق السعادة الحقيقية، فكيف ينال نائل ثوابا من غير إيتائه تعالى وإفاضته من عنده وكان الله سميعا بصيرا.
(بحث روائي) في الدر المنثور: أخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، لا يرث الصغير ولا المرأة شيئا فلما