في آيات أول السورة، ويفيد الكلام حينئذ ارجاع أمر الفتوى إلى الله سبحانه وصرفه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمعنى: يسألونك ان تفتيهم في أمرهن قل: الفتوى إلى الله وقد أفتاكم فيهن بما افتى فيما انزل من آيات أول السورة.
قوله تعالى: " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء - إلى قوله - والمستضعفين من الولدان " تقدم أن ظاهر السياق أن حكم يتامى النساء والمستضعفين من الولدان إنما تعرض له لاتصاله بحكم النساء كما وقع في آيات صدر السورة لا لكونه داخلا فيما استفتوا عنه، وأنهم إنما استفتوا في النساء فحسب.
ولازمه أن يكون قوله " وما يتلى عليكم " معطوفا على الضمير المجرور في قوله " فيهن " على ما جوزه الفراء وإن منع عنه جمهور النحاة وعلى هذا يكون المراد من قوله " ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء " (الخ) الاحكام والمعاني التي تتضمنها الآيات النازلة في يتامى النساء والولدان، المودعة في أول السورة. والتلاوة كما يطلق على اللفظ يطلق على المعنى إذا كان تحت اللفظ، والمعنى: قل الله يفتيكم في الاحكام التي تتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء.
وربما يظهر من بعضهم أنه يعطف قوله " وما يتلى عليكم " على موضع قوله " فيهن " بعناية أن المراد بالافتاء هو التبيين، والمعنى: قل الله يبين لكم ما يتلى عليكم في الكتاب.
وربما ذكروا للكلام تراكيب اخر لا تخلو عن تعسف لا يرتكب في كلامه تعالى مثله كقول بعضهم: إن قوله " وما يتلى عليكم " معطوف على موضع اسم الجلالة في قوله " قل الله " أو على ضمير المستكن في قوله " يفتيكم "، وقول بعضهم: انه معطوف على " النساء " في قوله " في النساء " وقول بعضهم: إن الواو في قوله " وما يتلى عليكم في الكتاب " للاستيناف، والجملة مستأنفة، " وما يتلى عليكم " مبتدء خبره قوله " في الكتاب " والكلام مسوق للتعظيم، وقول بعضهم إن الواو في قوله " وما يتلى عليكم " للقسم، ويكون قوله " في يتامى النساء " بدلا من قوله " فيهن " والمعنى: قل الله يفتيكم - أقسم بما يتلى عليكم في الكتاب - في يتامى النساء (الخ) ولا يخفى ما في جميع هذه الوجوه من التعسف الظاهر.
وأما قوله " اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " فوصف ليتامى