النساء وفيه إشارة إلى نوع حرمانهن، الذي هو السبب لتشريع ما شرع الله تعالى لهن من الاحكام فألغى السنة الجائرة الجارية عليهن، ورفع الحرج بذلك عنهن، وذلك انهم كانوا يأخذون إليهم يتامى النساء وأموالهن فإن كانت ذات جمال وحسن تزوجوا بها فاستمتعوا من جمالها ومالها، وإن كانت شوهاء دميمة لم يتزوجوا بها وعضلوها عن التزوج بالغير طعما في مالها.
ومن هنا يظهر (أولا). أن المراد بقوله " ما كتب لهن " هو الكتابة التكوينية وهو التقدير الإلهي فإن الصنع والايجاد هو الذي يخد للانسان سبيل الحياة فيعين له أن يتزوج إذا بلغ مبلغه، وأن يتصرف حرا في ماله من المال والقنية، فمنعه من الازدواج والتصرف في مال نفسه منع له مما كتب الله له في خلقه هذه الخلقة.
و (ثانيا): أن الجار المحذوف في قوله " أن تنكحوهن " هو لفظه " عن " والمراد الرغبة عن نكاحهن، والاعراض عنهن لا الرغبة في نكاحهن فإن التعرض لذكر الرغبة عنهن هو الأنسب للإشارة إلى حرمانهن على ما يدل عليه قوله قبله " لا تؤتونهن ما كتب لهن " وقوله بعده " والمستضعفين من الولدان " فمعطوف على قوله " يتامى النساء " وقد كانوا يستضعفون الولدان من اليتامى، ويحرمونهم من الإرث معتذرين بأنهم لا يركبون الخيل، ولا يدفعون عن الحريم.
قوله تعالى: " وأن تقوموا لليتامى بالقسط " معطوف على محل قوله " فيهن " والمعنى: قل الله يفتيكم أن تقوموا لليتامى بالقسط، وهذا بمنزلة الاضراب عن الحكم الخاص إلى ما هو أعم منه أعني الانتقال من حكم بعض يتامى النساء والولدان إلى حكم مطلق اليتيم في ماله وغير ماله.
قوله تعالى: " وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما " تذكرة لهم بأن ما عزم الله عليهم في النساء وفي اليتامى من الاحكام فيه خيرهم، وأن الله عليم به لتكون ترغيبا لهم في العمل به لان خيرهم فيه، وتحذيرا عن مخالفته لان الله عليم بما يعملون.
قوله تعالى: " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا "، حكم خارج عما استفتوا فيه لكنه متصل به بالمناسبة نظير الحكم المذكور في الآية التالية " ولن تستطيعوا