في المكان الذي يدعى اليوم بمقام إبراهيم على حافة المطاف حيال الملتزم وقد أشار إليه أبو طالب عم النبي في قصيدته اللامية وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة * على قدميه حافيا غير ناعل.
وربما يفهم من قوله مقام إبراهيم أن البيت أو في البيت موضع قيام إبراهيم بعبادة الله سبحانه.
ويمكن أن يكون تقدير الكلام هي مقام إبراهيم والامن والحج ثم وضع قوله ومن دخله وقوله ولله على الناس وهما جملتان مشتملتان على حكم إنشائي موضع الخبرين وهذا من أعاجيب أسلوب القرآن حيث يستخدم الكلام المسوق لغرض في سبيل غرض آخر فيضعه موضعه لينتقل منه إليه فيفيد فائدتين ويحفظ الجهتين كحكاية الكلام في موضع الاخبار كقوله كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله البقرة - 285 وكما مر في قوله تعالى ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه الآية: البقرة - 258 وقوله أو كالذي مر على قرية الآية: البقرة - 259 وقد بينا النكتة في ذلك في تفسير الثانية وكما في قوله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم: الشعراء - 89 وكما في قوله تعالى ولكن البر من آمن بالله الآية: البقرة - 177 حيث وضع صاحب البر مكان البر وكما في قوله تعالى ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الآية: البقرة - 171 ومثله غالب الأمثال الواردة في القرآن الكريم.
وعلى هذا فوزان قوله فيه آيات بينات مقام إبراهيم إلى قوله عن العالمين في التردد بين الانشاء والاخبار وزان قوله واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لاولي الألباب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أو أب: ص - 44. و هذا الذي ذكرناه غير ما ذكره بعضهم من حديث البدلية وإن كان بدلا ولا بد فالأولى جعل قوله مقام إبراهيم بدلا وجعل الجملتين التاليتين مستأنفتين