حرمة هذا البيت ووجوب تعظيمه الثابت في شريعة إبراهيم عليه السلام وينتهي بالآخرة إلى جعله سبحانه وتشريعه.
وكذا ما وقع في دعاء إبراهيم المحكي في قوله تعالى رب اجعل هذا البلد آمنا: إبراهيم - 35 وقوله رب اجعل هذا بلدا آمنا: البقرة - 126 حيث سأل الامن لبلد مكة فأجابه الله بتشريع الامن وسوق الناس سوقا قلبيا إلى تسليم ذلك وقبوله زمانا بعد زمان.
قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا الحج بالكسر وقرئ بالفتح هو القصد ثم اختص استعماله بقصد البيت على نهج مخصوص بينه الشرع وقوله سبيلا تمييز من قوله استطاع.
والآية تتضمن تشريع الحج إمضاءا لما شرع لإبراهيم عليه السلام كما يدل عليه قوله تعالى حكاية لما خوطب به إبراهيم وأذن في الناس بالحج الآية: الحج - 27 ومن هنا يظهر أن وزان قوله ولله على الناس إلخ وزان قوله تعالى ومن دخله كان آمنا في كونه إخبارا عن تشريع سابق وإن كان من الممكن أن يكون إنشاء على نحو الامضاء لكن الاظهر من السياق هو الأول كما لا يخفى.
قوله تعالى ومن كفر فإن الله غني عن العالمين الكفر هيهنا من الكفر بالفروع نظير الكفر بترك الصلاة والزكاة فالمراد بالكفر الترك والكلام من قبيل وضع المسبب أو الأثر مقام السبب أو المنشأ كما أن قوله فإن الله غني إلخ من قبيل وضع العلة موضع المعلول والتقدير ومن ترك الحج فلا يضر الله شيئا فإن الله غني عن العالمين.
(بحث روائي) عن ابن شهرآشوب عن أمير المؤمنين عليه السلام: في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس الآية - فقال له رجل أهو أول بيت قال لا قد كان قبله بيوت - ولكنه أول بيت وضع للناس مباركا - فيه الهدى والرحمة والبركة - وأول من بناه إبراهيم ثم بناه قوم من العرب من جرهم - ثم هدم فبنته العمالقة ثم هدم فبناه قريش