كما يقول القرآن الكريم ومن المعلوم أن مخالفة نهي ما في الاكل من الشجرة ليس يحل محل الكفر بالله العظيم وما يشابه ذلك فلا وجه لجعل عقابه وتبعته هو العذاب المؤبد راجع بحث الافعال السابق الذكر.
وخامسا ما ذكروه من وقوع الاشكال وحدوث التزاحم بين صفة الرحمة وصفة العدل ثم الاحتيال إلى رفعه بنزول المسيح وصعوده بالوجه الذي ذكروه.
والمتأمل في هذا الكلام وما يستتبعه من اللوازم يجد أنهم يرون أن الله تعالى وتقدس موجود خالق ينسب وينتهي إليه هذا العالم المخلوق بجميع أجزائه غير أنه إنما يفعل بإرادة وعلم في نفسه وإرادته في تحققها تتوقف إلى ترجيح علمي كما أن الانسان إنما يريد شيئا إذا رجحه بعلمه فهناك مصالح ومفاسد يطبق الله أفعاله عليها فيفعلها وربما أخطأ في التطبيق فندم (1) على الفعل وربما فكر في أمر ولم يهتد إلى طريق صلاحه وربما جهل أمرا وبالجملة هو تعالى في أوصافه وأفعاله كالانسان إنما يفعل ما يفعل بالتفكر والتروي ويروم فيه تطبيق فعله على المصلحة فهو محكوم بحكم المصالح ومقهور بعملها فيه من الخارج ويمكن له الاهتداء إلى الصلاح ويمكن له الضلال والاشتباه والغفلة فربما يعلم وربما يجهل وربما يغلب وربما يغلب عليه فقدرته محدودة كعلمه وإذا جاز عليه هذا الذي ذكر جاز عليه سائر ما يطرأ الفاعل المتفكر المريد في فعله من سرور وحزن وحمد وندم وابتهاج وانفعال وغير ذلك والذي هذا شأنه يكون موجودا ماديا جسمانيا واقعا تحت ناموس الحركة والتغير والاستكمال والذي هو كذلك ممكن مخلوق بل إنسان مصنوع وليس بالواجب تعالى الخالق لكل شئ.
وأنت بالرجوع إلى كتب العهدين تجد صدق جميع ما نسبناه إليهم في الواجب تعالى من جسميته واتصافه بجميع أوصاف الجسمانيات وخاصة الانسان.
والقرآن في جميع هذه المعاني المذكورة ينزه الله تعالى عن هذه الأوهام الخرافية كما يقول تعالى سبحان الله عما يصفون: الصافات - 159 والبراهين العقلية القاطعة قائمة على أنه تعالى ذات مستجمع لجميع صفات الكمال فله الوجود من غير شائبة عدم