تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٩
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما: البقرة - 26 وفي ذيل قوله تعالى كان الناس أمة واحدة: البقرة - 213 أن الاحكام والقوانين التي يقع فيها المخالفة والتمرد ثم الذنب والخطيئة إنما هي أمور وضعية اعتبارية أريد بوضعها واعتبارها أن يحفظ مصالح المجتمع الانساني بالعمل بها والرقوب لها وأن العقاب المترتب على المعصية والمخالفة إنما هو تبعة سوء اعتبروه ووضعوه ليكون ذلك صارفا للانسان المكلف عن اقتراف المعصية والتمرد عن الطاعة هذا ما عند العقلاء البانين للمجتمع الانساني.
لكن التعليم القرآني يعطي في هذا المعنى ما هو أرقي من ذلك وأرق ويؤيده البحث العقلي على ما مر وهو أن الانسان بانقياده للشرع المنصوب له من جانب الله وعدم انقياده له تتهيأ في نفسه حقائق من الصفات الباطنة الحميدة الفاضلة أو الرذيلة الخسيسة الخبيثة وهذه هي التي تهيئ للانسان نعمة أخروية أو نقمة أخروية اللتين ممثلهما الجنة والنار وحقيقتهما القرب والبعد من الله فالحسنات أو الخطايا تتكي وتنتهي إلى أمور حقيقية لها نظام حقيقة غير اعتباري.
ومن البين أيضا أن التشريع الإلهي إنما هو تتمة للتكميل الإلهي في الخلقة وانهاء الهداية التكوينية إلى غايتها وهدفها من الخلقة وبعبارة أخرى شأنه تعالى إيصال كل نوع إلى كمال وجوده وهدف ذاته ومن كمال وجود الانسان النظام النوعي الصالح في الدنيا والحياة الناعمة السعيدة في الآخرة والطريق إلى ذلك الدين الذي يتكفل قوانين صالحة لاصلاح الاجتماع وجهات من التقرب باسم العبادات يعمل بها الانسان فينتظم بذلك معاشه ويتهيأ في نفسه ويصلح في ذاته وعمله للكرامة الإلهية في الدار الآخرة كل ذلك من جهة النور المجعول في قلبه و الطهارة الحاصلة في نفسه هذا حق الامر.
فللانسان قرب وبعد من الله سبحانه هما الملاكان في سعادته وشقاوته الدائمتين ولصلاح اجتماعه المدني في الدنيا والدين هو العامل الوحيد في إيجاد هذا القرب والبعد وجميع ذلك أمور حقيقية غير مبتنية على اللغو والجزاف.
وإذا فرضنا أن اقتراف معصية واحدة كالاكل من الشجرة المنهية؟ من آدم أوجب له الهلاك الدائم ولا له فحسب بل ولجميع ذريته ثم لم يكن هناك ما يعالج به الداء ويفرج به الهم إلا فداء المسيح فما فائدة تشريع الدين قبل المسيح وما فائدة تشريعه معه وما فائدة تشريعه بعده.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362