قتلة وهي قتلة الصلب التي لعن صاحبها في الكتاب الإلهي فاحتمل اللعن والصلب بما فيه من الزجر والأذى والعذاب ففدى الناس بنفسه ليخلصوا بذلك من عقاب الآخرة وهلاك السرمد وهو كفارة لخطايا المؤمنين به بل لخطايا كل العالم (1) هذا ما قالوه.
وقد جعلت النصارى هذه الكلمة أعني مسألة الصلب والفداء أساس دعوتهم فلا يبدأون إلا بها ولا يختمون إلا عليها كما أن القرآن يجعل أساس الدعوة الاسلامية هو التوحيد كما قال الله مخاطبا لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين: يوسف - 108 مع أن المسيح على ما يصرح به الأناجيل وقد تقدم نقله كان يجعل أول الوصايا هو التوحيد ومحبة الله سبحانه.
وقد ناقشهم غيرهم من المسلمين وسائر الباحثين فيما يشتمل عليه قولهم هذا من وجوه الفساد والبطلان وألفت فيها كتب ورسائل وملئت بها صحف وطوامير ببيان منافاتها لضرورة العقل ومناقضتها لكتب العهدين والذي يهمنا ويوافق الغرض الموضوع له هذا الكتاب بيان جهات منافاته لأصول تعليم القرآن وختمه ببيان الفرق بين ما يثبته القرآن من الشفاعة وما يثبتونه من الفداء.
على أن القرآن يذكر صراحة أنه إنما يخاطب الناس ويكلمهم ببيان ما يقرب من أفق عقولهم ويمكن بياناته من فقههم وفهمهم وهو الامر الذي به يميز الانسان الحق من الباطل فينقاد لهذا ويأبى ذاك ويفرق بين الخير والشر والنافع والضار فيأخذ بهذا ويترك ذاك والذي ذكرناه من اعتبار القرآن في بياناته حكم العقل السليم مما لا غبار عليه عند من راجع الكتاب العزيز.
فأما ما ذكروه ففيه اولا أنهم ذكروا معصية آدم عليه السلام بالاكل من الشجرة المنهية والقرآن يدفع ذلك من جهتين الأولى أن النهي هناك كان نهيا إرشاديا يقصد به صلاح المنهي ووجه الرشد