لكن الظاهر أن القرآن لا يهتم بخصوصيات مذاهبهم المختلفة وإنما يهتم بكلمة واحدة مشتركة بينهم جميعا وهو البنوة وأن المسيح من سنخ الاله سبحانه وما يتفرع عليه من حديث التثليث وإن اختلفوا في تفسيرها اختلافا كثيرا وتعرقوا في المشاجرة والنزاع والدليل على ذلك وحدة الاحتجاج الوارد عليهم في القرآن لسانا.
بيان ذلك أن التوراة والأناجيل الحاضرة جميعا تصرح بتوحيد الاله تعالى من جانب والإنجيل يصرح بالبنوة من جانب آخر وصرح بأن الابن هو الأب لا غير.
ولم يحملوا البنوة الموجودة فيه على التشريف والتبريك مع ما في موارد منه من التصريح بذلك كقوله وأنا أقول لكم أحبوا أعداءكم وباركوا على لاعنيكم وأحسنوا إلى من أبغضكم وصلوا على من يطردكم ويعسفكم كيما تكونوا بني أبيكم الذي في السماوات لأنه المشرق شمسه على الأخيار والأشرار والممطر على الصديقين والظالمين وإذا أحببتم من يحبكم فأي أجر لكم أليس العشارون يفعلون كذلك وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضل لكم أليس كذلك يفعل الوثنيون كونوا كاملين مثل أبيكم السماوي فهو كامل آخر الأصحاح الخامس من إنجيل متى. (1) وقوله أيضا فليضئ نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات إنجيل متى الأصحاح الخامس.
وقوله أيضا لا تصنعوا جميع مراحمكم قدام الناس كي يروكم فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات.
وقوله أيضا في الصلاة وهكذا تصلون أنتم يا أبانا الذي في السماوات يتقدس اسمك إلخ.
وقوله أيضا فإن غفرتم للناس خطاياهم غفر لكم أبوكم السمايي خطاياكم كل ذلك في الأصحاح السادس من إنجيل متى.
وقوله وكونوا رحماء مثل أبيكم الرحيم إنجيل لوقا الأصحاح السادس.