في أمره لا إعمال المولوية والامر الذي هو من هذا القبيل لا يترتب على امتثاله ولا تركه ثواب ولا عقاب مولوي كأوامر المشير ونواهيه لمن يستشيره وأوامر الطبيب ونواهيه للمريض بل إنما يترتب على امتثال التكليف الارشادي الرشد المنظور لمصلحة المكلف وعلى مخالفته الوقوع في مفسدة المخالفة وضرر الفعل بما أنه فعل وبالجملة لم يلحق بآدم عليه السلام إلا أنه أخرج من الجنة وفاته راحة القرب وسرور الرضا وأما العقاب الأخروي فلا لأنه لم يعص معصية مولوية حتى يستتبع عقابا راجع تفسير الآيات 35 39 من سورة البقرة.
والثانية أنه عليه السلام كان نبيا والقرآن ينزه ساحة الأنبياء عليهم السلام ويبرء نفوسهم الشريفة عن اقتراف المعاصي والفسق عن أمر الله سبحانه والبرهان العقلي أيضا يؤيد ذلك راجع ما ذكرناه في البحث عن عصمة الأنبياء في تفسير الآية 213 من سورة البقرة.
وثانيا قولهم إن الخطيئة لزمت آدم فإن القرآن يدفعه بقوله ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى: طه - 122 وقوله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم: البقرة - 37 والاعتبار العقلي يؤيد ذلك بل يبينه فإن الخطيئة وتبعة الذنب إنما هو أمر محذور مخوف منه يعتبره العقل أو المولى لازما للمخالفة والتمرد ليستحكم بذلك أمر التكليف فلو لا العقاب والثواب لم يستقم أمر المولوية ولم يمتثل أمر ولا نهي وكما أن من شؤون المولوية بسط العقاب على المجرمين في جرائمهم كالثواب على المطيعين في طاعاتهم كذلك من شؤون المولوية إطلاق التصرف في دائرة مولويته فللمولى أن يغمض عن خطيئة المخطئين ومعصية العاصين بالعفو والمغفرة فإنه نوع تصرف وحكومة كما أن له أن يؤاخذ بها وهي نوع حكومة وحسن العفو والمغفرة عن الموالي وأولي القوة والسطوة في الجملة مما لا ريب فيه والعقلاء من الانسان يستعملونه إلى هذا الحين فكون كل خطيئة صادرة من الانسان لازمة للانسان مما لا وجه له البتة وإلا لم يكن لأصل العفو والمغفرة تحقق لان المغفرة والعفو إنما يكون لامحاء الخطيئة وإبطال أثر الذنب ومع فرض أن الخطيئة لازمة غير منفكة لا يبقى موضوع للعفو والمغفرة مع أن الوحي الإلهي مملو بحديث العفو والمغفرة وكتب العهدين كذلك حتى أن هذا الكلام