التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٩٢
تقوم فيه): أولى بأن تصلي فيه. قال: (يعني من مسجد النفاق) (1). (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) قال: (بالماء عن الغائط والبول) (2). (والله يحب المتطهرين). ورد: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأهل قبا: ماذا تفعلون في طهركم؟ فإن الله قد أحسن عليكم الثناء! قالوا:
نغسل أثر الغائط. فقال: أنزل الله فيكم: (والله يحب المتطهرين) (3).
(أفمن أسس بنيانه): بنيان دينه (على تقوى من الله ورضوان): على قاعدة محكمة، هي الحق الذي هو التقوى من الله، وطلب مرضاته بالطاعة (خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار): على قاعدة، هي أضعف القواعد وأقلها بقاء، وهو الباطل والنفاق، الذي مثله كمثل شفا جرف هار في قلة الثبات. والشفا: الشفير. وجرف الوادي: جانبه الذي يتحفر (4) أصله بالماء وتجرفه السيول. والهار: الهائر الذي أشفى على السقوط والهدم. (فانهار به في نار جهنم) لما جعل الجرف الهار مجازا عن الباطل قيل: (فانهار به في نار جهنم). والمعنى: فهوى به الباطل في نار جهنم، فكأن المبطل أسس بنيانا على شفير جهنم، فطاح به إلى قعرها. قال: (مسجد الضرار، الذي أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم) (5). (والله لا يهدي القوم الظالمين) إلى ما فيه صلاح ونجاة.
(لا يزال بنيانهم الذي بنوا) يعني مسجد الضرار (ريبة في قلوبهم): سبب شك وازدياد نفاق في قلوبهم لا يضمحل أثره، ثم لما هدمه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، رسخ ذلك في قلوبهم وازداد، بحيث لا يزول رسمه (6) عنها. (إلا أن تقطع قلوبهم) قطعا بحيث لا يبقى لها قابلية الادراك والإضمار، وفي قراءتهم عليهم السلام: (إلى

(1): العياشي 2: 111، الحديث: 136، عن الصادقين عليهما السلام.
(2) مجمع البيان 5 - 6: 73، عن الصادقين عليهما السلام.
(3): المصدر، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(4): في (ب): (ينحفر).
(5): القمي 1: 305، عن أبي جعفر عليه السلام.
(6): في (الف): (لا يزال وسمه).
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»
الفهرست