التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٩١
في حلفهم.
وورد ما ملخصه: (إن المنافقين اتفقوا وبايعوا لأبي عامر الراهب - الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفاسق - وجعلوه أميرا عليهم وبخعوا له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة لئلا أتهم إلى أن يتم تدبيركم، وكاتبوا (أكيدر) - صاحب دومة الجندل - ليقصد المدينة، فأوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعرفه ما أجمعوا عليه من أمره وأمره بالمسير إلى تبوك. قال: فلما صح عزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرحلة إلى تبوك، عمد هؤلاء المنافقون فبنوا خارج المدينة مسجدا، وهو مسجد الضرار، يريدون الاجتماع فيه، ويوهمون أنه للصلاة، وإنما كان ليجتمعوا فيه لعلة الصلاة، فيتم تدبيرهم ويقع هناك ما يسهل به لهم ما يريدون، ثم جاء جماعة منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: يا رسول الله إن بيوتنا قاصية عن مسجدك وإنا نكره الصلاة في غير جماعة، ويصعب علينا الحضور، وقد بنينا مسجدا، فإن رأيت أن تقصده وتصلي فيه لنتيمن ونتبرك بالصلاة في موضع مصلاك، فلم يعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما عرفه الله من أمرهم ونفاقهم. قال: وقال:
أنا على جناح سفر فأمهلوا حتى أرجع إن شاء الله تعالى ثم أنظر في هذا نظرا يرضاه الله. قال: وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غانما ظافرا، وأبطل الله كيد المنافقين، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإحراق مسجد الضرار، فأنزل الله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) الآيات) (1).
(لا تقم فيه أبدا) أي: لا تصل فيه أبدا. يقال: فلان يقوم بالليل، أي:
يصلي. (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) من أيام وجوده. قال: (يعني مسجد قبا). قيل: أسسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصلى فيه أيام مقامه بقبا (3). (أحق أن

(١): تفسير الإمام عليه السلام: ٤٨٢ و ٤٨٣ و ٤٨٨، عن أبي الحسن الأول عليه السلام.
(٢): الكافي ٣: ٢٩٦، الحديث: 2، والعياشي 2: 111، الحديث: 135، عن أبي عبد الله عليه السلام، والحديث: 136، عن الصادقين عليهما السلام.
(3): البيضاوي 3: 81، والكشاف 2: 114.
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»
الفهرست