التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٩٧
عليهم، فبلغ ذلك أهليهم فقطعوا كلامهم، فخرجوا إلى ذناب (1) جبل بالمدينة، فكانوا يصومون وأهلوهم يأتونهم بالطعام، فيضعونه ناحية ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم، فبقوا على هذه الحالة أياما كثيرة، يبكون بالليل والنهار ويدعون الله أن يغفر لهم، فلما طال عليهم الامر حلفوا أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب اله عليه، فبقوا على هذه ثلاثة أيام، حتى نزلت توبتهم (2). هذا ملخص قصتهم.
(حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) أي: مع سعتها، وهو مثل لحيرتهم في أمرهم، كأنهم لا يجدون في الأرض موضع قرار، وذلك حيث لم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا إخوانهم ولا أهلوهم، فضاقت المدينة عليهم حتى خرجوا منها (وضاقت عليهم أنفسهم) حيث حلفوا أن لا يكلم بعضهم بعضا، فتفرقوا (وظنوا): وعلموا (أن لا ملجأ من الله): من سخط الله (إلا إليه ثم تاب عليهم) لما عرف صدق نياتهم. قال: (هي الإقالة) (3). (ليتوبوا): ليعودوا إلى حالتهم الأولى (إن الله هو التواب الرحيم) لمن تاب، ولو عاد في اليوم مائة مرة.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين). ورد: (إيانا عنى) (4). وفي رواية: (الصادقون هم الأئمة، والصديقون بطاعتهم) (5). وفي أخرى: (لما نزلت هذه الآية قال سلمان: يا رسول الله عامة هذه الآية أم خاصة؟ فقال: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي عليه السلام وأوصيائي من بعده إلى

(١): الذناب - بكسر الذال -: عقب كل شئ. الصحاح ١: ١٢٨ (ذنب).
(٢): القمي ١: ٢٩٦.
(٣): معاني الأخبار: ٢١٥، باب: توبة الله عز وجل على الخلق، الحديث: ١ ٧ عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٤): الكافي ١: ٢٠٨، الحديث: 1، عن أبي جعفر عليه السلام.
(5): المصدر، الحديث: 2، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 503 ... » »»
الفهرست