وذلك أن العدوة القصوى كان فيها الماء ولاماء بالعدوة الدنيا، وكانت رخوا تسوخ (1) فيها الأرجل، وكانت العير وراء ظهورهم مع كثرة عددهم، فكانت الحماية دونها تضاعف حميتهم، وتحملهم على أن لا يبرحوا (2) مواطنهم، ويبذلوا نهاية نجدتهم (3)، وفيه تصوير ما دبر الله من أمر وقعة بدر.
(ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد) يعني لو تواعدتم أنتم وهم على موعد للقتال، ثم علمتم حالكم وحالهم لخالف بعضكم بعضا، ثبطكم (4) قلتكم عن الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من الرعب، فلم يتفق لكم من الوفاء ما وفقه الله. (ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا): كان واجبا أن يفعل من إعزاز دينه وإعلاء كلمته ونصر أوليائه وقهر أعدائه.
(ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة): ليصدر كفر من كفر وإيمان من آمن عن وضوع بينة عاينها وقيام حجة شاهدها. قال: " يعلم من بقي أن الله نصره " (5).
(وإن الله لسميع عليم) يعلم كيف يدبر أموركم.
(إذ يريكهم الله في منامك قليلا) لتخبر به أصحابك، فيكون تثبيتا لهم تشجيعا على عدوهم (ولو أراكهم كثيرا لفشلتم): لجبنتم (ولتنازعتم في الامر): أمر القتال، وتفرقت آراؤكم بين الثبات والفرار (ولكن الله سلم): أنعم بالسلامة من الفشل والتازع (إنه عليم بذات الصدور).
قال: " كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار، ويكثر الكفار في أعين الناس، فشد عليه جبرئيل بالسيف فهرب منه وهو يقول: يا جبرئيل إني