عمر، فقال مثل مقالة أبي بكر، فقال: اجلس. ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها، وقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله، ولو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك الهراس (1) لخضنا معك، ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى: " إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون " (2) ولكنا نقول:
اذهب أنت وربك إنا معكما مقاتلون، فجزاه النبي خيرا، ثم جلس. ثم قال: أشيروا علي! فقام سعد بن معاذ فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! كأنك أردتنا؟ قال: نعم، قال: فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره. قال: نعم. قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله، فمرنا بما شئت، وخذ من أموالنا ما شئت. ثم قال: والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك، إلى أن قال: ولكن نعد لك الرواحل وتلقى عدونا، فإنا صبر عند اللقاء، أنجاد (3) في الحرب، وإنا لنرجو أن يقر الله عينيك بنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كأني بمصرع فلان هاهنا وبمصرع فلان هاهنا وبمصرع أبي جهل وعتبة وشيبة، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين ولن يخلف الله الميعاد. فنزلت الآية " كما أخرجك " إلى قوله: " ولو كره المجرمون " فأمر بالرحيل نزل ماء بدر وأقبلت قريش (4).
(وتودون أن غير ذات الشوكة): ذات الحدة (تكون لكم) يعني العير، فإنه لم يكن فيها إلا أربعون فارسا، ولذلك يتمنونها ويكرهون ملاقاة قريش لكثرة عددهم