التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٢٥
(كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) قال: " فالله ناصرك كما أخرجك " (1). وقيل: يعني حالهم هذه في كراهة ما حكم الله في الأنفال مثل حالهم في كراهة خروجك من بيتك للحرب (2).
(يجادلونك في الحق): في إيثارك الجهاد إظهارا للحق على تلقي العير وأخذ المال الكثير (بعد ما تبين) أنهم ينصرون ما توجهوا، بإعلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) يعني يكرهون القتال كراهة من يساق إلى الموت وهو يشاهد أسبابه، وكان ذلك لقلة عددهم وعدم تأهبهم للقتال.
(وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم). القمي ما ملخصه: أن عير قريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بالخروج ليأخذوها، فأخبرهم أن الله قد وعده إحدى الطائفتين: إما العير أو قريش (3) أن يظفر بهم، فخرج في ثلاثة مائة وثلاثة عشر رجلا، فلما قارب بدرا بلغ أبا سفيان ذلك وكان في العير، فخاف خوفا شديدا، وبعث إلى قريش فأخبرهم بذلك، وطلب منهم الخروج والمنع عن العير، وأمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر وتركوا الطريق ومروا مسرعين، ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره أن العير قد أفلتت، وأن قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها، وأمره بالقتال ووعده النصر، فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه، فجزعوا من ذلك وخافوا خوفا شديدا، إذ لم يتهيؤوا للحرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشيروا علي! فقام أبو بكر فقال:
يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها (4) ما آمنت منذ كفرت، ولا ذلت منذ عزت، ولم نخرج على هيئة الحرب، فقال رسول الله صلى عليه آله وسلم: اجلس، فجلس. فقال: أشيروا علي! فقام

(١) مجمع البيان ٣ - ٤: ٥٢١ في حديث أبي حمزة.
(٢) البيضاوي ٣: ٤١، والكشاف ٢: ١٤٣.
(٣) كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: " قريشا ".
(٤) الخيلاء - بضم الخاء وفتح الياء -: الكبر. القاموس المحيط ٣: ٣٨٣ (خال).
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست