التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٢٧
الأظلة " (1). (فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء) يعني حقايقها التي هي أسماء الله التي بها خلقت هذه الأشباح التي هي مظاهرها. (إن كنتم صادقين) " بأن ترككم هيهنا أصلح من إيراد من بعدكم بأنكم أحق (2) بالخلافة من آدم ". كذا ورد (3).
(قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم) قال: " بكل شئ " (4).
(الحكيم) قال: " المصيب في كل فعل " (5).
أقول: اعترفوا بالعجز والقصور لما قد بان لهم من فضل آدم ولاحت لهم الحكمة في خلقه، فصغر حالهم عند أنفسهم وقل علمهم لديهم وانكسرت سفينة جبروتهم، فغرقوا في بحر العجز وفوضوا العلم والحكمة إلى الله، وذلك لعدم جامعيتهم وكونهم وحدانية الصفة، إذ ليس في جبلتهم خلط وتركيب، ولهذا لا يفعل كل صنف منهم إلا فعلا واحدا، فالراكع منهم راكع أبدا، والساجد ساجد أبدا، والقائم قائم أبدا، كما ورد في الحديث (6). وقد حكى الله تعالى عنهم بقوله: " وما منا إلا له مقام معلوم " (7). فكل صنف منهم مظهر لاسم واحد من الأسماء الإلهية لا يتعداه، ففاقهم آدم بمعرفته الكاملة ومظهريته الشاملة. وتمام بيان هذا التأويل يطلب من تفسيرنا الكبير (8).
(قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم).
أقول: يعني أخبرهم بالحقائق المكنونة عنهم، والمعارف المستورة عليهم، ليعرفوا جامعيتك لها، وقدرة الله على الجمع بين الصفات المتباينة والأسماء المتناقضة في مخلوق

1 - تفسير الإمام عليه السلام: 217.
2 - في " ب " و " ج ": " وبأنكم أحق ".
3 - تفسير الإمام عليه السلام: 217.
4 - تفسير الإمام عليه السلام: 217.
5 - تفسير الإمام عليه السلام: 217.
6 _ راجع: نهج البلاغة (لصبحي الصالح): 41، الخطبة: 1.
7 - الصافات (37): 164.
8 - الصافي 1: 100.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست