التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٢٧٠
وأخطأتم الطريق، فلم يزالوا كذلك حتى أذن الله لهم فدخلوها، وقد كان كتبها لهم) 1.
وورد: (مات هارون قبل موسى وماتا جميعا في التيه) 2.
(واتل عليهم نبأ ابني ادم): قابيل وهابيل (بالحق): بالصدق (إذ قربا قربانا).
القربان: ما يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو غيرها (فتقبل من أحدهما) لأنه رضى بحكم الله وأخلص النية لله وعمد إلى أحسن ما عنده، وهو هابيل (ولم تتقبل من الأخر) لأنه سخط حكم الله ولم يخلص النية في قربانه وقصد إلى أخس ما عنده، وهو قابيل (قال لأقتلنك). توعده بالقتل، لفرط حسده له على تقبل قربانه. (قال انما يتقبل الله من المتقين) يعنى انما أتيت من قبل نفسك بترك التقوى لا من قبلي. فيه إشارة إلى أن الحاسد ينبغي أن يرى حرمانه من تقصيره، ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظا لا في إزالة حظه، فان ذلك مما يضره ولا ينفعه، وان الطاعة لا تقبل الا من مؤمن تقى.
(لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ماء أنا بباسط يدي ليك لأقتلك انى أخاف الله رب العالمين).
(انى أريد أن تبوأ): أن ترجع (بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين). لعل غرضه بالذات أن لا يكون ذلك له، لا أن يكون لأخيه. ورد:
(من قتل مؤمنا أثبت الله على قاتله جميع الذنوب، وبرئ المقتول منها، وذلك قول الله عز وجل: (انى أريد أن تبوأ) الآية) 3.
(فطوعت له): اتسعت (نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) دينا ودنيا، إذ بقي مدة عمره مطرودا محزونا نادما. قال: (ان الله أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل وكان قابيل أكبر، فبلغ ذلك قابيل فغضب فقال: أنا أولى

١ - العياشي ١: ٥ ٣، الحديث: ٧٤، والبحار ١٣: ١٨١، عن أبي عبد الله عليه السلام.
٢ - القمي ٢: ١٣٧، عن أبي جعفر عليه السلام، ذيل الآية: ١٣ من سورة القصص.
٣ - ثواب الأعمال: ٥٥٥، عن أبي جعفر عليه السلام، وفيه (من قتل مؤمنا متعمدا).
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست