التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٧٥
أخبرهم الله بما فعل بشهدائهم يوم بدر في منازلهم في الجنة، رغبوا في ذلك فقالوا:
اللهم أرنا قتالا نستشهد فيه. فأراهم الله إياه يوم أحد، فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم، فذلك قوله: " ولقد كنتم تمنون الموت " الآية " (1).
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) فسيخلو كما خلوا بالموت أو القتل (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم): ارتددتم عن الدين. قيل:
كان سبب ارتدادهم وانهزامهم نداء إبليس فيهم أن محمدا قد قتل (2)، وكان صلى الله عليه وآله وسلم في زحام الناس، وكانوا لا يرونه. (ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) بارتداده بل يضر نفسه (وسيجزي الله الشاكرين) كأمير المؤمنين ومن يحذو حذوه عليهم السلام. ورد: " إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلا هذه الآية في خطبة الغدير، ثم قال: ألا وإن عليا هو الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه " (3).
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتبا مؤجلا): كتب كتابا موقتا لا يتقدم ولا يتأخر (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها). تعريض بمن شغلته الغنائم يوم أحد، وكان ذلك سبب انهزام المسلمين. (ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها): من ثوابها (وسنجزي الشاكرين).
(وكأين من نبي): وكم من نبي (قتل معه ربيون): ربانيون علماء أتقياء، وفي قراءتهم عليهم السلام: " قتل معه " (4). (كثير) قال: " ألوف وألوف، ثم قال: أي والله يقتلون " (5). (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا) في الدين وعن العدو (وما استكانوا): وما خضعوا للعدو، وهو تعريض بما أصابهم عند

١ - القمي ١: ١١٩، عن أبي جعفر عليه السلام.
٢ - راجع: مجمع البيان ١ - ٢: ٥١٣، والبيضاوي ٢: ٤٦.
٣ - الاحتجاج ١: ٧٧، عن أبي جعفر عليه السلام.
4 - العياشي 1: 102، الحديث: 154، عن أبي عبد الله عليه السلام.
5 - العياشي 1: 102، الحديث: 154، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست