التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٣٤
يحتمل البناءين. وهو نهي لهما عن ترك الإجابة والتحريف والتغيير في الكتابة والشهادة، أو نهي عن الضرار بهما، مثل أن يعجلا عن مهم، ويكلفا الخروج عما حد لهما، أو لا يعطى الكاتب جعلة والشهيد مؤنة مجيئه حيث كان. (وإن تفعلوا) الضرار وما نهيتم عنه (فإنه فسوق بكم): خروج عن الطاعة لاحق بكم.
(واتقوا الله) في مخالفة أمره ونهيه (ويعلمكم الله) أحكامه المتضمنة لمصالحكم (والله بكل شئ عليم). كرر لفظة " الله " في الجمل الثلاث لاستقلالها.
(وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهن): فالذي يستوثق به رهان. وهي جمع رهن. (مقبوضة). قال: " لا رهن إلا مقبوضا " (1).
أقول: لا يختص الارتهان بالسفر، ولكن السفر لما كان مظنة لاعواز الكتب والاشهاد، أمر المسافر بأن يقيم الارتهان مقام الكتاب والاشهاد على سبيل الارشاد إلى حفظ المال.
(فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن) أي: الذي عليه الحق (أمنته).
سمى الدين أمانة لإيتمانه عليه بترك الارتهان منه. (وليتق الله ربه) في الخيانة وإنكار الحق (ولا تكتموا الشهدة). خطاب للشهود. (ومن يكتمها) مع علمه بالمشهود به وتمكنه من أدائها (فإنه آثم قلبه) قال: " كافر قلبه " (2). (والله بما تعملون عليم). تهديد.
(لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم) من خير أو شر (أو تخفوه) سوى الوسوسة وحديث النفس مما لا يدخل تحت الاختيار، كما ورد به الاخبار (3). (يحاسبكم به الله). قال: " وبما في الصدور يجازي العباد " (4). (فيغفر لمن

١ - التهذيب ٧: ١٧٦، الحديث: ٧٧٩، عن أبي جعفر عليه السلام.
٢ - من لا يحضره الفقيه ٣: ٣٥، الحديث: ١١٥، عن أبي جعفر عليه السلام.
٣ - راجع: الكافي ٢: ٤٦٣، الحديث: 1، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والوسائل 5: 345، الحديث: 2، عن أبي جعفر عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
4 - نهج البلاغة (لصبحي الصالح): 103، الخطبة: 75.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست