التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٤٥
تتقوا منهم تقاة): إلا أن تخافوا من جهتهم خوفا أو أمرا يجب أن يخاف منه. قال:
" التقية ترس الله بينه وبين خلقه " (1). وقال: " لا إيمان لمن لا تقية له، ثم تلا هذه الآية " (2).
(ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) فلا تتعرضوا لسخطه بمخالفة أحكامه وموالاة أعدائه.
(قل إن تخفوا ما في صدوركم) من ولاية الكفار وغيرها (أو تبدوه يعلمه الله و يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شئ قدير) فيقدر على عقوبتكم إن لم تنتهوا عما نهيتم عنه.
(يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ج ويحذركم الله نفسه قلى والله رؤوف بالعباد). كرر ذلك للتأكيد والتذكير، ثم أشار إلى أنه تعالى إنما نهاهم وحذرهم، رأفة بهم، ومراعاة لصلاحهم، وأنه لذو مغفرة وذو عقاب، ترجى رحمته ويخشى عذابه.
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). قيل: نزلت لما قالت اليهود:
" نحن أبناء الله وأحباؤه " (3).
أقول: المحبة من العبد ميل النفس إلى الشئ، لكمال أدركت فيه، بحيث تحملها على ما يقربها إليه، ومن الله رضاه عن العبد، وكشفه الحجاب عن قلبه. والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله، وأن كل ما يراه كمالا من نفسه أو من غيره فهو من الله وبالله وإلى الله لم يكن حبه إلا لله وفي الله، وذلك يقتضي إرادة طاعته والرغبة فيما يقربه إليه. فعلامة المحبة إرادة الطاعة والعبادة والاجتهاد البليغ في اتباع من كان وسيلة له إلى

١ - الكافي ٢: ٢٢٠، الحديث: 19، عن أبي عبد الله عليه السلام.
2 - العياشي 1: 166، الحديث: 24، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام.
3 - البيضاوي 2: 13. والآية في سورة المائدة (5): 18.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست