تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣١٩
مستويين: أي أنا وأنتم في علم ما أعلمتكم به، والبين: الفراق، وأسماء اسم المحبوبة من الوسامة وهى الحسن والجمال، والهمزة بدل الواو كما في أحد، والثواء: الإقامة يقول: أعلمتنا أسماء بمفارقتها أبانا: أي بعزمها على فراقنا، ثم قال رب مقيم تمل إقامته، والمراد غيرها: أي أن فراقها يؤذى ولا يمل ثواؤها وليست هي كغيرها ممن يمل ثواؤه، وما أحسن قول الباخرزي في عكس هذا المعنى، وقيل إنه لأبى بكر الخوارزمي.
أراك إذا أيسرت خيمت عندنا * زمانا وإن أعسرت زرت لماما فما أنت إلا البدر إن قل ضوءه * أغب وإن زاد الضياء أقاما (أمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء) في سورة القصص عند قوله تعالى (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) أي صفرا من العقل. والمعنى: أنها لما سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع والدهش، وسيأتى شرحه في يونس. (كانت قناتي لا تلين لغامز * فألانها الإصباح والإمساء) فدعوت ربى بالسلامة جاهدا * ليصحني فإذا السلامة داء في والصافات عند قوله تعالى (فقال إني سقيم). إن قلت: كيف جاز له أن يكذب؟ قلت: قد جوزه بعض الناس في المكيدة في الحرب والتقية، وفى إرضاء الزوج والصلح بين المتخاصمين والمتهاجرين; والصحيح أن الكذب حرام إلا إذا عرض وورى، والذي قاله إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه معراض من الكلام، وقد نوى به أن من في عنقه الموت سقيم، ومنه المثل: كفى بالسلامة داء، وقول لبيد: فدعوت ربى الخ. وقد مات رجل فجأه الناس والتفوا عليه وقالوا: مات وهو صحيح، فقيل أصحيح من الموت في عنقه؟ والقناة: الرمح والمراد هنا القامة، والغمز: العصر باليد، يصف قوته في الشباب وضعفه في الكبر ومرور الصباح والمساء عليه كما قيل:
ست وستون لو مرت على حجر * لبان تأثيرها في منعة الحجر وقيل لشيخ كيف أصبحت؟ قال: في داء يتمناه الناس، ومن المشهور:
أشاب الصغير وأفنى الكبير * كر الغداة ومر العشى وقد تضمن البيتان الشكاية من الدهر والأيام وأنها تحول بين المرء وبين المرام، وأن ما مضى من حلاوة العيش فيما مضى من الزمن لا تعادلها مرارة هذه الأيام الكثيرة المحن، ولله در القائل:
رب يوم بكيت منه فلما * صرت في غيره بكيت عليه وما أحسن ما أنشد في معنى ذلك:
لقد كنت أشكوك الحوادث برهة * وأستمرض الأيام وهى صحائح إلى أن تغشتني وقيت حوادث * تحقق أن السالفات منائح ولما كانت عادة الأيام الإتيان بعكس المرام وخلاف الإسعاف والإسعاد كان يتمنى البعد من يريد الوصال ويرجو الانقطاع باغى الاتصال كما قال:
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا * وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست