تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣١٨
وقد ذكر هذا البيت تفسير سورة العنكبوت أيضا عند قوله تعالى (والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون) فإن هذا الكلام ورد مورد الإنصاف كقوله تعالى (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) قيل لما أنشد هذا البيت قال من حضر: هذا أنصف بيت قالته العرب: ومنها:
فإن أبى ووالده وعرضى * لعرض محمد منكم وقاء ولما أنشد هذا البيت قال له النبي صلى الله عليه وسلم (وقاك الله حر النار يا حسان) روى عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان والله كما قال شاعره حسان بن ثابت:
متى يبد في الداجي إليهم جبينه * يلح مثل مصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من قد يكون كأحمد * نظام لحق أو نكال لملحد والسلافة أول ما يسيل من ماء العنب وهو أرق ما فيه، وبيت رأس: قرية بالشام، وقيل أراد به الرئيس فإن شراب الملوك أطيب من شراب غيرهم، وقوله * يكون مزاجها عسل وماء * في موضع الوصف لسلافة وخبر كأن المشددة في البيت الثاني وهو قوله:
على أنيابها أو طعم غض * من التفاح هصره اجتناء والهصر: عطفك الشئ الرطب، وهو أن تأخذ برأس غصن ثم تكسره إليك من غير بينونة لتجنى ثمره، وطعم منصوب معطوف على اسم كأن المشددة; شبه طعم ريقها بطعم الخمر وقد مزجت بعسل وماء، أو بطعم تفاح غض قد اجتنى.
(ردى ردى ورد قطاة صما * كدرية أعجبها برد ألما) في مريم عند قوله تعالى (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) أي عطاشا، فإن من يدر الماء لا يرده إلا لعطش، أو كالدواب التي ترد الماء، وحقيقة الورد السير إلى الماء كقوله: ردى الخ.
والشاعر يخاطب الناقة وإنما جعلها صماء لأنها لا تسمع صوت القانص حتى تنفر، والكدرية نوع فيها كدرة، وفى لفظ الورد تهكم عظيم لا سيما وقد جعل المورد جهنم أعاذنا الله منها رحمة.
(فصرم حبلها إذ صرمته * وعادك أن تلاقيها عداء) في (طه) عند قوله تعالى (سنعيدها سيرتها الأولى) على تقدير أن يكون أعاد منقولا من عاده بمعنى عاد إليه، ومنه بيت زهير المذكور، قال أبو عمرو: بمعنى شغلك، وقال الأصمعي: صرفك. والعداء: البعد والشغل.
وقال الأصمعي الجور: أي وشغلك أو صرفك العداء عن ملاقاتها; ولكن المعنى الذي أراد المصنف في عاد هنا غير المعنيين، وهو أن يكون عادك بمعنى عاد إليك، فقوله وعادك عطف على قوله صرمته: أي اقطع حبلها إن قطعته هي، وعادك بمعنى عاد إليك جور أو شغل أو بعد، وإذا ثبت أن عاد يتعدى إلى مفعول واحد بنفسه فيتعدى بسبب زيادة الهمزة إلى المفعولين الأول الضمير المتصل والثاني سيرتها، وكأنه قيل سنعيد إليها سيرتها الأولى، وأما قوله عداء في البيت فهو فاعل عادك.
(آذنتنا ببينها أسماء * رب ثاو يمل منه الثواء) في الأنبياء البيت لابن حلزة عند قوله تعالى (فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء) والأذان الإعلام: أي أعلمتكم
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست