(غضنفر تلقاه عند الغضب * كأن وريديه رشا أخلب) في سورة ق عند قوله تعالى (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) مثل في فرط القرب. والوريدان: عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه. وقيل سمى وريدا لأن الروح ترده، والإضافة في حبل الوريد للبيان كقولهم: عرق قيفال وبعير سانية; وفي المثل: سير السواني سفر لا ينقطع.
والخلب بضم الخاء المعجمة واللام جميعا الليف، وكذلك الخلب بالتسكين، والمعنى: أنه يشبه وريديه المذكورين برشاءين من الليف لغلظهما، فجعل كأن بعد التخفيف عاملة كما كانت قبل التخفيف.
(ينهون عن أكل وعن شرب * مثل المها يرتعن في خصب) في والذاريات عند قوله تعالى (يؤفك عنه من أفك) أي يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب، يقال جمل ناه إذا كان عريقا في السمن وحقيقته يصدر تناهيهم في السمن عنهما، يصف مضيافا صدر الأضياف عنه شباعا: أي يصدر إفكهم عن القول المختلف، ونظيره (فأزلهما الشيطان عنها) وكذا (وما فعلته عن أمرى) وقد تقدم: (إنا إذا شاربنا شريب * له ذنوب ولنا ذنوب * فإن أبى كان له القليب) الشريب: من يشرب معك. والذنوب: الدلو العظيمة، وهذا المثل أصله في السقاة يقتسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب. والمعنى: إني أوثر شريبي بالحظ الأوفر والنصيب الأجزل، فإن لم يرض أوثره بالجميع، في والذاريات عند قوله تعالى (وإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم).
(وأنت الذي آثاره في عدوه * من البؤس والنعمى لهن ندوب وفى كل حي قد خبطت بنعمة * فحق لشاس من نداك ذنوب) في والذاريات عند قوله تعالى (وإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم) شأس هو أخو علقمة بن عبيدة، ومدح بهذه القصيدة الحرث بن أبي شمر الغساني وكان شأس عنده أسيرا. قوله خبطت بنعمة الخابط الطالب والمجتدى يخبط المواضع التي يسير فيها إلى من يرجوه ويأمل معروفه، ثم قيل لكل طالب خابط ومختبط، ويجوز أن يكون من قولهم خبطت الشجرة إذا جمعت أغصانها ثم ضربتها ليسقط ورقها فتعلفه الإبل، ثم استعار الورق للمال وأصله للخابط. والذنوب: النصيب وأصله الدلو; ومعنى البيت: أنت أنعمت على كل حي بنعمة واستحق شأس أن تتفضل عليه. قيل لما سمع الحرث قوله: فحق لشأس من نداك ذنوب، قال: نعم وأذنبة، فأمر بإطلاق شأس وجميع أسرى بنى تميم. وقيل خيره بين إطلاق أسرى بنى تميم وبين جزيل إعطائه، فقال: أبيت اللعن حتى أدخل عليهم، فلما دخل قال: إني قد استوهبتكم من الملك فوهبكم لي، وهو كاسيكم وواهب لكم وحاملكم، فإن أعطيتموني ما يعطيكم من كسوة وحملان وهبة أخرجتكم فضمنوا له ما سأل، فلما أخرجهم وبلغوا بلادهم أخذ ما معهم وأطلقهم.
(لنا إبلان فيهما ما علمتموا * فعن أيها ماشئتموا فتنكبوا) في سورة القمر عند قوله تعالى (فالتقى الماء على أمر قد قدر) حيث قرئ فالتقى الماءان: أي النوعان من الماء السماوي والأرضي، ونحوه قولك عندي تمران، تريد ضربان من التمر برني ومعقلي، والأصل في الجمع أن