تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٤٣
وأهيب انتهى. ولا شك في أن الأصل يصب من فوق رؤوسهم الحميم: فقيل يصب فوق رؤوسهم عذاب هو الحميم للمبالغة، ثم أضيف العذاب إلى الحميم للتخفيف، وزيدت من للدلالة على أن المصبوب بعض هذا النوع.
(لعمرك مامابان (1) منك لضارب * بأقتل مما منك لعائب) هو للمتنبي وقبله: هو ابن رسول الله وابن وصيه * وشبههما شبهت بعد التجارب في الأحقاف عند قوله تعالى (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) قال الزمخشري: إن نافية: أي فيما ما مكناكم فيه إلا أن إن أحسن في اللفظ لما في مجامعة ما مثلها من التكرار المستبشع ومثله مجتنب، ألا ترى أن الأصل في مهما ما ما فلبشاعة التكرار قلبوا الألف هاء ولقد أغث أبو الطيب في قوله:
* لعمرك مامابان منك لضارب * الخ انتهى. قوله ولقد أغث: أي جاء بكلام غث، يقال أغث فلان في كلامه إذا تكلم بما لاخير فيه، وما ضره لو اقتدى بعذوبة لفظ التنزيل وقال: ما إن بان منك لضارب. والمعنى: أن لسانه لا يتقاعد عن سنانه، هذا للعائب وهذا للمضارب، وما الأولى نافية والثانية موصولة واسم إن محذوب تقديره يرى أنه ما الذي ظهر منك لضارب بأقتل من الذي بان منك لعائب: أي لا يرى القتل أشد من العيب بل العيب عنده أشد من القتل، وقد أخذ المتنبي هذا قول أبى تمام:
فتى لا يرى أن الفريصة مقتل * ولكن يرى أن العيوب المقاتل من قصيدته المشهورة التي مدح بها محمد بن عبد الملك بن الزيات التي أولها: متى أنت عن ذهلية الحي ذاهل * وقبلك منها مدة الدهر آهل ومنها من شواهد التلخيص:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس * قنا الخط إلا أن تلك ذوابل أبا جعفر إن الجهالة أمها * ولو دوأم العلم جداء حائل وإن الفتى في كل ضرب مناسب * مناسب روحانية من يشأ كل وما أحسن قوله في آخرها:
منحتكها تشفى الجوى وهو لاعج * وتبعث أشجان الفتى وهو ذاهل ترد قوافيها إذا هي أرسلت * هوامل مجد القوم وهى هوامل فكيف إذا حليتها بحليها * تكون وهذا حسنها هي عاطل أكابرنا عطفا علينا فإننا * بنا ظمأ برح وأنتم مناهل (يرجى المرء ما إن لا يراه * وتعرض دون أدناه الخطوب) * هامش * (1) قوله (لعمرك ماما الخ) كذا وقع في الكشاف، والذي في الديوان يروى أن ماما الخ، ولذلك قال الشارح فيما بعد: واسم إن محذوف تقديره الخ.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست