مباحثه الفقهية فغالبها مستمدة له من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما، وأما المسائل الكلامية فأكثرها من الكرابيسي وابن كلاب ونحوهما " انتهى.
قلت: والكرابيسي وابن كلاب رحمهما الله تعالى كانا يقولان بأن لفظنا بالقرآن مخلوق، قال الحافظ الذهبي في ترجمة الكرابيسي في " سير أعلام النبلاء " (12 / 82):
" ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي، وحرره في مسألة اللفظ، وأنه مخلوق هو حق " انتهى.
وعلى ذلك الحق كان البخاري ومسلم خلافا للإمام أحمد الذي كان يقول بأن من قال لفظي بالقرآن مخلوق " فهو جهمي " وفي روايات أخرى " فهو كافر ".
قال الحافظ الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (12 / 572) في ترجمة الإمام مسلم ما نصه:
" كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ، ولا يكتمه، فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه، حتى هجر - البخاري - وسافر من نيسابور، قال:
فقطعه أكثر الناس غير مسلم. فبلغ محمد بن يحيى، فقال يوما: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته، وقام على رؤوس الناس، ثم بعث إليه بما كتب عنه على ظهر حمال، قال: وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه " انتهى.