شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٣٩١
ومن تخيلات العرب ومذاهبها ما حكاه ابن الأعرابي، قال: كانت العرب إذا نفرت الناقة فسميت لها أمها سكنت من النفار، قال الراجز:
أقول والوجناء بي تقحم * ويلك قل ما اسم أمها يا علكم:
علكم اسم عبد له، وإنما سأل عبده ترفعا أن يعرف اسم أمها، لان العبيد بالإبل أعرف، وهم رعاتها.
وأنشد السكري:
فقلت له: ما اسم أمها هات فادعها * تجبك ويسكن روعها ونفارها.
ومما كانت العرب كالمجتمعة عليه الهامة، وذلك أنهم كانوا يقولون: ليس من ميت يموت ولا يقتل، ألا ويخرج من رأسه هامة، فإن كان قتل ولم يؤخذ بثأره نادت الهامة على قبره: أسقوني، فإني صدية، وعن هذا قال النبي صلى الله عليه وآله: (لا هامة).
وحكى إن أبا زيد كان يقول: الهامة مشددة الميم إحدى هوام الأرض، وإنها هي المتلونة المذكورة.
وقيل: إن أبا عبيد قال: ما أرى أبا زيد حفظ هذا، وقد يسمونها الصدى والجمع أصداء، قال:
* وكيف حياة أصداء وهام *.
وقال أبو داود الأيادي:
سلط الموت والمنون عليهم * فلهم في صدى المقابر هام (1)

(1) ديوانه 339.
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست