بمكة، أو كما كانوا يعقرون عند القبور، ومذهبهم في العقر على القبور، كقول زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب:
إن السماحة والمروءة ضمنا * قبرا بمرو على الطريق الواضح (1) فإذا مررت بقبره فاعقر به * كوم الهجان وكل طرف سابح (2) وقال الآخر:
نفرت قلوصي عن حجارة حرة * بنيت على طلق اليدين وهوب (3) لا تنفري يا ناق منه فإنه * شريب خمر مسعر لحروب لولا السفار وبعد خرق مهمه * لتركتها تحبو على العرقوب ومذهبهم في العقر على القبور مشهور، وليس في هذا الشعر ما يدل على مذهبهم في البلية، فإن ظن ظان أن قوله: (أو يفوز راكب)، فيه إيماء إلى ذلك، فليس الامر كما ظنه. ومعنى البيت ادفني بفلاة جداء مقطوعة عن الانس، ليس بها إلا الذئب والغراب، أو أن يعتسف راكبها المفازة وهي المهلكة، سموها مفازة على طريق الفأل.
وقيل: إنها تسمى مفازة، من فوز أي هلك، فليس في هذا البيت ذكر البلية، ولكن الخالع أخطأ في إيراده في هذا الباب، كما أخطأ في هذا الباب أيضا في إيراده قول مالك بن الريب:
وعطل قلوصي في الركاب فإنها * ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا (4) فظن أن ذلك من هذا الباب الذي نحن فيه، ولم يرد الشاعر ذلك، وإنما أراد