وأنس بالوحش، ثم رأى ليله نارا فعشا إليها، فشم عندها قتار اللحم، فنازعته شهوته، فغلبها وقهرها، ومال إلى شجرة سلم فلم يزل يكدمها ويأكل من خبطها (1) إلى أن مات:
إن قيسا كان ميتته * كرم والحي منطلق شام نارا بالهوى فهوى * وشجاع البطن يختفق في دريس ليس يستره * رب حر ثوبه خلق.
وقوله: (بالهوى) اسم موضع بعينه.
وقال أبو النجم العجلي:
إنك يا خير فتى نستعدي * على زمان مسنت بجهد * عضا كعض صفر بكبد *.
وقال آخر:
أرد شجاع البطن قد تعلمينه * وأوثر غيري من عيالك بالطعم ومن خرافات العرب أن الرجل منهم كان إذا أراد دخول قرية فخاف وباءها أو جنها، وقف على بابها، قبل أن يدخلها فنهق نهيق الحمار، ثم علق عليه كعب أرنب، كان ذلك عوذة له ورقية من الوباء والجن، ويسمون هذا النهيق التعشير، قال شاعرهم:
ولا ينفع التعشير إن حم واقع * ولا زعزع ولا كعب أرنب.
وقال الهيثم بن عدي: خرج عروة بن الورد إلى خيبر في رفقة ليمتاروا، فلما قربوا منها عشروا، وعاف عروة أن يفعل فعلهم، وقال: