عن رأسه، فقال المنصور: الله أكبر! تبعها والله رأسه، فقال: وكبا به فرسه، فقال:
الله أكبر! كبا والله جده، وأصلد زنده، فما الثالثة؟ قال: أنه قال لأصحابه: أنا مقتول، وإنما أخادع نفسي، وإذا رجل ينادى آخر من الصحراء: اليوم آخر الاجل يا فلان. فقال: الله أكبر! انقضى اجله إن شاء الله، وانقطع من الدنيا اثره.
فقتل في غد ذلك اليوم.
تجهز النابغة الذبياني للغزو - واسمه زياد بن عمرو - مع زبان بن سيار الفزاري - فلما أراد الرحيل سقطت عليه جرادة فتطير، وقال: ذات لونين تجرد، غري من خرج، فأقام ولم يلتفت زبان إلى طيرته، فذهب ورجع غانما، فقال:
تطير طيرة يوما زياد * لتخبره وما فيها خبير (1) أقام كان لقمان بن عاد * أشار له بحكمته مشير تعلم إنه لا طير إلا * على متطير وهو الثبور بلى شئ يوافق بعض شئ * أحايينا وباطلة كثير.
حضر عمر بن الخطاب الموسم، فصاح به صائح: يا خليفة رسول الله، فقال رجل من بنى لهب، وهم أهل عيافة وزجر: دعاه باسم ميت: مات والله أمير المؤمنين عليه السلام فلما وقف الناس للجمار إذا حصاة صكت صلعة عمر، فأدمى منها، فقال ذلك القائل: أشعر والله أمير المؤمنين، لا والله ما يقف هذا الموقف أبدا، فقتل عمر قبل أن يحول الحول، وقال كثير بن عبد الرحمن:
تيممت لهبا أبتغي العلم عندها * وقد صار علم العائفين إلى لهب (2).