بمال غيره على نفسه أو على غيره وأفحشها بخله بمال غيره على نفسه، وأهونها - وإن كان لا هين فيها - بخله بماله على غيره.
وقال عليه السلام: (اللهم اجعل لمنفق خلفا، ولممسك تلفا).
وقال: (إن الله عز وجل ينزل المعونة على قدر المؤونة).
وقال أيضا: (من وسع وسع عليه).
وقالت الفلاسفة: الجود على أقسام: فمنها الجود الأعظم، وهو الجود الإلهي، وهو الفيض العام المطلق، وإنما يختلف لاختلاف المواد واستعداداتها، وإلا فالفيض في نفسه عام غير خاص، وبعده جود الملوك، وهو الجود بجزء من المال على من تدعوهم الدواعي والأغراض إلى الجود عليه، ويتلوه جود السوقة، وهو بذل المال للعفاة أو الندامى والشرب والمعاشرين والاحسان إلى الأقارب.
قالوا واسم الجود مجاز، إلا الجود (1) الإلهي العام، فإنه عار عن الغرض والداعي.
وأما من يعطى لغرض وداع نحو أن يحب الثناء والمحمدة، فإنه مستعيض وتاجر يعطى شيئا، ليأخذ شيئا قالوا قول أبي نؤاس فتى يشترى حسن الثناء * بماله ويعلم أن الدائرات تدور ليس بغاية في الوصف بالجود التام، بل هو وصف بتجارة محمودة، وأحسن منه قول ابن الرومي وتاجر البر لا يزال له * ربحان في كل متجر تجره أجر وحمد وإنما طلب الاجر * ولكن كلاهما اعتوره.
وأحسن منهما قول بشار ليس يعطيك للرجاء ولا الخوف * ولكن يلذ طعم العطاء (2) ونحن قد ذكرنا ما في هذا الموضع من البحث العقلي في كتبنا العقلية