فإن امتلاء البطن في حسب الفتى * قليل الغناء وهو في الجسم صالح.
وقال عيسى عليه السلام: يا بني إسرائيل، لا تكثروا الاكل، فإنه من أكثر من الاكل أكثر من النوم، ومن أكثر النوم أقل الصلاة، ومن أقل الصلاة كتب من الغافلين: وقيل ليوسف عليه السلام: ما لك لا تشبع وفي يديك خزائن مصر؟ قال:
إني إذا شبعت نسيت الجائعين.
وقال الشاعر:
وأكلة أوقعت في الهلك صاحبها * كحبة القمح دقت عنق عصفور لكسرة بجريش الملح آكلها * ألذ من تمره تحشى بزنبور.
ووصف لسابور ذي الأكتاف رجل من إصطخر للقضاء، فاستقدمه، فدعاه إلى الطعام، فاخذ الملك دجاجة من بين يديه فنصفها، وجعل نصفها بين يدي ذلك الرجل، فأتى عليه قبل أن يفرغ الملك من أكل النصف الآخر، فصرفه إلى بلده، وقال: إن سلفنا كانوا يقولون: من شره إلى طعام الملك كان إلى أموال الرعية أشره.
قيل لسميرة بن حبيب: إن ابنك أكل طعاما فأتخم، وكاد يموت، فقال: والله لو مات منه ما صليت عليه. انس يرفعه: أن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت.
دخل عمر على عاصم ابنه وهو يأكل لحما، فقال: ما هذا؟ قال: قرمنا إليه، قال: أو كلما قرمت إلى اللحم أكلته! كفى بالمرء شرها أن يأكل كل ما يشتهى.
أبو سعيد يرفعه: استعينوا بالله من الرعب، قالوا: هو الشره، ويقال الرعب شؤم. أنس يرفعه: أصل كل داء البردة، قالوا: هي التخمة، وقال أبو دريد: العرب تعير بكثرة الاكل، وأنشد:
لست بأكال كأكل العبد * ولا بنوام كنوم الفهد.