لا يغمز الساق من أين ولا وصب * ولا يعض على شرسوفه الصفر.
وقال الشنفري:
وأطوي على الخمص الحوايا كما انطوت * خيوطه ماري تغار وتفتل (1) وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن * بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل وما ذاك إلا بسطه عن تفضل * عليهم وكان الأفضل المتفضل.
وقال بعضهم لابنه: يا بنى عود نفسك الإثرة، ومجاهدة الهوى والشهوة، ولا تنهش نهش السباع، ولا تقضم قضم البراذين، ولا تدمن الاكل إدمان النعاج، ولا تلقم لقم الجمال، إن الله جعلك انسانا، فلا تجعل نفسك بهيمة ولا سبعا، واحذر سرعة الكظة، وداء البطنة، فقد قال الحكيم: إذا كنت بطنا فعد نفسك من الزمني (2).
وقال الأعشى:
* والبطنة يوما تسفه الأحلاما (3) *.
واعلم أن الشبع داعية البشم، والبشم داعية السقم، والسقم داعية الموت، ومن مات هذه الميتة فقد مات موتة لئيمة، وهو مع هذا قاتل نفسه، وقاتل نفسه ألوم من قاتل غيره. يا بنى والله ما أدى حق السجود والركوع ذو كظة، ولا خشع لله ذو بطنة، والصوم مصحة، ولربما طالت أعمار الهند، وصحت أبدان العرب، ولله در الحارث بن كلدة حيث زعم أن الدواء هو الأزم، وإن الداء ادخال الطعام في أثر الطعام، يا بنى لم صفت أذهان الاعراب، وصحت أذهان الرهبان مع طول الإقامة في الصوامع، حتى لم تعرف وجع المفاصل، ولا الأورام، إلا لقلة الرزء، ووقاحة الاكل، وكيف لا ترغب في تدبير يجمع لك بين صحة البدن وذكاء الذهن وصلاح المعاد