حتى تأخذ حلمك - يعنى تتغذى - فإذا أخذت حلمك فلا تزدد إليه حلما، فإن الكثرة تئول إلى قلة. وفى الحديث المرفوع: ما ملا ابن آدم وعاء شرا من بطن، بحسب الرجل من طعامه ما أقام صلبه، وأما إذا أبيت فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث نفس.
وروى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله: (من قل طعمه، صح بطنه، وصفا قلبه، ومن كثر طعمه، سقم بطنه وقسا قلبه)، وعنه صلى الله عليه وآله: (لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فان القلب يموت بهما، كالزرع يموت إذا أكثر عليه الماء). وروى عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: أكلت يوما ثريدا ولحما سمينا، ثم أتيت رسول الله وأنا أتجشأ، فقال: أحبس جشأك أبا جحيفة، إن أكثركم شبعا في الدنيا أكثركم جوعا في الآخرة، قال: فما أكل أبو جحيفة بعدها ملء بطنه إلى أن قبضه الله. وأكل علي عليه السلام قليلا من تمرد دقل (1) وشرب عليه ماء، وأمر يده على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله، ثم تمثل فإنك مهما تعط بطنك سؤله * وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا وكان عليه السلام يفطر في رمضان الذي قتل فيه عند الحسن ليلة، وعند الحسين ليلة، وعند عبد الله بن جعفر ليلة، لا يزيد على اللقمتين أو الثلاث، فيقال له، فيقول:
إنما هي ليال قلائل، حتى يأتي أمر الله وأنا خميص البطن، فضربه ابن ملجم لعنه الله تلك الليلة.
وقال الحسن: لقد أدركت أقواما ما يأكل أحدهم إلا في ناحية بطنه، ما شبع رجل منهم من طعام حتى فارق الدنيا، كان يأكل، فإذا قارب الشبع أمسك.
وأنشد المبرد: