قال ابن قتيبة: قوله: (الرداء الدين) مذهب في اللغة حسن جيد، ووجه صحيح، لان الدين أمانة، وأنت تقول هو لك على وفي عنقي حتى أؤديه إليك، فكان الدين لازم للعنق، والرداء موضعه صفحتا العنق، فسمى الدين رداء وكنى عنه به، وقال الشاعر:
إن لي حاجة إليك فقالت * بين أذني وعاتقي ما تريد يريد بقوله: (بين أذني وعاتقي ما تريد) في عنقي، والمعنى إني قد ضمنته فهو على، وإنما قيل للسيف رداء لان حمالته تقع موقع الرداء، وهو في غير هذا الموضع العطاء، يقال فلان غمر الرداء أي واسع العطاء، قال: وقد يجوز أن يكون كنى بالرداء عن الظهر، لأنه يقع عليه، يقول فليخفف ظهره ولا يثقله بالدين، كما قال الآخر: (خماص الأزر)، يريد خماص البطون.
وقال: وبلغني نحو هذا الكلام عن أبي عبيد، قال: قال فقيه العرب: من سره النساء - ولا نساء - فليبكر العشاء، وليباكر الغداء، وليخفف الرداء، وليقل غشيان النساء قال: فالنسء التأخير، ومنه: ﴿إنما النسئ زيادة في الكفر﴾ (1).
وقوله: فليبكر العشاء، أي فليؤخره، قال الشاعر:
* فأكريت العشاء إلى سهيل * ويجوز أن يريد فلينقص العشاء، قال الشاعر:
* والطل لم يفضل ولم يكر *.