وقوله: جبار القلوب على فطراتها. من قولك جبرت العظم فجبر إذا كان مكسورا فلامته وأقمته، كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والاقرار به، شقيها وسعيدها، قال: ولم أجعل إجبارا هاهنا، من أجبرت فلانا على الامر إذا أدخلته فيه كرها، وقسرته، لأنه لا يقال من أفعل فعال، لا أعلم ذلك إلا أن بعض القراء قرأ: (أهديكم سبيل الرشاد) (١) بتشديد الشين، وقال: الرشاد الله، فهذا فعال من أفعل، وهي قراءة شاذة، غير مستعملة، فأما قول الله عز وجل ﴿وما أنت عليهم بجبار﴾ (٢) فإنه أراد وما أنت عليهم بمسلط تسليط الملوك، والجبابرة: الملوك، واعتبار ذلك قوله: ﴿لست عليهم بمسيطر﴾ (٣) أي بمتسلط تسلط الملوك، فإن كان يجوز أن يقال من أجبرت فلانا على الامر: أنا جبار له، وكأن هذا محفوظا، فقد يجوز أن يجعل قول علي عليه السلام: جبار القلوب من ذلك، وهو أحسن في المعنى.
وقوله: (الدامغ جيشات الأباطيل)، أي مهلك ما نجم وارتفع من الأباطيل، وأصل الدمغ من الدماغ، كأنه الذي يضرب وسط الرأس فيدمغه أي يصيب الدماغ منه.
ومنه قول الله عز وجل: ﴿بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه﴾ (4) أي يبطله والدماغ مقتل، فإذا أصيب هلك صاحبه.
وجيشات: مأخوذ من جاش الشئ أي ارتفع، وجاش الماء إذا طمى، وجاشت النفس.
وقوله: (كما حمل فاضطلع) افتعل من الضلاعة وهي القوة.