فكنى عنها بالعذرة كما كنى عنها بالغائط، وإنما الغائط الأرض المطمئنة، وقال الحطيئة يهجو قوما:
لعمري لقد جربتكم فوجدتكم * فباح الوجوه سيئ العذرات.
ومنها قوله عليه السلام: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.
قال أبو عبيد: التشريق هاهنا صلاة العيد، وسميت تشريقا لإضاءة وقتها، فإن وقتها إشراق الشمس وصفاؤها وإضاءتها، وفى الحديث المرفوع: (من ذبح قبل التشريق فليعد)، أي قبل صلاة العيد.
قال: وكان أبو حنيفة يقول: التشريق هاهنا هو التكبير في دبر الصلاة، يقول لا تكبير إلا على أهل الأمصار تلك الأيام، لا على المسافرين أو من هو في غير مصر.
قال أبو عبيد: وهذا كلام لم نجدا أحدا يعرفه، إن التكبير يقال له التشريق، وليس يأخذ به أحد من أصحابه لا أبو يوسف ولا محمد، كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا حيث كانوا في السفر و الحضر وفي الأمصار وغيرها.
ومنها قوله عليه السلام: (استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل من الحبشة أصعل أصمع حمش الساقين قاعدا عليها وهي تهدم).
قال أبو عبيدة: هكذا يروى (أصعل) وكلام العرب المعروف (صعل) وهو الصغير الرأس، وكذا رؤوس الحبشة، ولهذا قيل للظليم: صعل، وقال عنترة يصف ظليما:
صعل يلوذ بذي العشيرة بيضه * كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم