وعليك ثياب أهل النار! إن أحدكم ليجعل الزهد في ثيابه والكبر في صدره، فلهو أشد عجبا بصوفه من صاحب المطرف.
وقال ابن السماك لأصحاب الصوف: إن كان لباسكم هذا موافقا لسرائركم فلقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، ولئن كان مخالفا لها لقد هلكتم.
وكان عمر بن عبد العزيز على قاعدة عمر بن الخطاب في ملبوسه، وكان قبل الخلافة يلبس الثياب المثمنة جدا، كان يقول: لقد خفت أن يعجز ما قسم الله لي من الرزق عما أريده من الكسوة وما لبست ثوبا جديدا قط إلا وخيل لي حين يراه الناس أنه سمل أو بال، فلما ولى الخلافة ترك ذلك كله.
وروى سعيد بن سويد، قال: صلى بنا عمر بن عبد العزيز الجمعة، ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه فقال له رجل: إن الله أعطاك يا أمير المؤمنين، فلو لبست فنكس مليا ثم رفع رأسه فقال: إن أفضل القصد ما كان عند الجدة، وأفضل العفو ما كان عند المقدرة.
وروى عاصم بن معدلة: كنت أرى عمر بن عبد العزيز قبل الخلافة فأعجب من حسن لونه وجوده ثيابه وبزته، ثم دخلت عليه بعد أن ولى، وإذا هو قد احترق واسود ولصق جلده بعظمة، حتى أو ليس بين الجلد والعظم لحم، وإذا عليه قلنسوة بيضاء قد اجتمع قطنها ويعلم أنها قد غسلت، وعليه سحق (1) أنبجانية قد خرج سداها، وهو على شاذ كونه (2)، قد لصقت بالأرض تحت الشاذ كونه عباءة قطوانية (3) من مشاقة الصوف، وعنده رجل يتكلم، فرفع صوته، فقال له عمر: اخفض قليلا من صوتك، فإنما يكفي الرجل من الكلام قدر ما يسمع صاحبه.
وروى عبيد بن يعقوب أن عمر بن عبد العزيز كان يلبس الفرو الغليظ من الثياب، وكان سراجه على ثلاث قصبات فوقهن طين.