(50) الأصل:
أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة.
* * * الشرح:
قد تقدم لنا قول مقنع في العفو والحلم.
وقال الأحنف: ما شئ أشد اتصالا بشئ من الحلم بالعز.
وقالت الحكماء: ينبغي للانسان إذا عاقب من يستحق العقوبة، ألا يكون سبعا في انتقامه، وألا يعاقب حتى يزول سلطان غضبة، لئلا يقدم على ما لا يجوز، ولذلك جرت سنة السلطان بحبس المجرم حتى ينظر في جرمه ويعيد النظر فيه.
وأتى الإسكندر بمذنب فصفح عنة: فقال له بعض جلسائه: لو كنت إياك أيها الملك لقتلته، قال: فإذا لم تكن إياي ولا كنت إياك لم يقتل.
وانتهى إليه أن بعض أصحابه يعيبه، فقيل له: أيها الملك، لو نهكته عقوبة! فقال:
يكون حينئذ أبسط لسانا وعذرا في اجتنابي.
وقالت الحكماء أيضا: لذة العفو أطيب من لذة التشفي والانتقام، لان لذة العفو يشفعها حميد العاقبة، ولذة الانتقام يلحقها ألم الندم، وقالوا: العقوبة ألام حالات ذي القدرة وأدناها، وهي طرف من الجزع ومن رضى ألا يكون بينه وبين الظالم إلا ستر رقيق فلينتصف.