شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ١٨٢
على أجمل وجه وأعلى ترتيب، ولكنه كان يقصد أن يتغافل ويتجاهل ويظهر البله والنقص، يستبقى بذلك ماله، ويحرس به نعمته، ويدفع عنة عين الكمال، وحسد الأعداء.
قال أبو حيان: قلت لأبي غسان البصري: أظن ما قالة هؤلاء صحيحا، فإن المعتضد مع حزمه وعقله وكماله وإصابة رأيه ما اختاره للسفارة والصلح إلا والمرجو منه فيما يأتيه ويستقبله من أيامه نظير ما قد شوهد منة فيما مضى من زمانه، وهل كان يجوز أن يصلح أمر قد تفاقم فساده وتعاظم واشتد برسالة أحمق، وسفارة أخرق فقال أبو غسان: إن الجد ينسخ حال الأخرق، ويستر عيب الأحمق، ويذب عن عرض المتلطخ، ويقرب الصواب بمنطقه والصحة برأيه، والنجاح بسعيه، والجد يستخدم العقلاء لصاحبه، ويستعمل آراءهم وأفكارهم في مطالبه، وابن الجصاص على ما قيل وروى وحدث وحكى، ولكن جده كفاه غائلة الحمق، وحماه عواقب الخرق ولو عرفت خبط العاقل وتعسفه وسوء تأتيه وانقطاعه إذا فارقه الجد، لعلمت أن الجاهل قد يصيب بجهله ما لا يصيب العالم بعلمه مع حرمانه.
قال أبو حيان: فقلت له: فما الجد؟ وما هذا المعنى الذي علقت عليه هذه الأحكام (1) كلها؟ فقال: أو ليس لي عنه عبارة معينة، ولكن لي به علم شاف، استفدته بالاعتبار والتجربة والسماع العريض من الصغير والكبير، ولهذا (2) سمع من امرأة من الاعراب ترقص ابنا لها فتقول له: رزقك الله جدا يخدمك عليه ذوو العقول، ولا رزقك عقلا تخدم به ذوي الجدود

(1) د: " الأحوال ".
(2) ا: " وقد سمع ".
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407