شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ١٧٠
قلت: لا، لأنه قادر على أن يسقط عنة العقاب ابتداء، ولا يجوز إنزال الألم إلا حيث لا يمكن اقتناص العوض المجزى به إليه إلا بطريق الألم، وإلا كان فعل الألم عبثا، ألا ترى أنة لا يجوز أن يستحق زيد على عمرو ألف درهم فيضربه ويقول: إنما أضربه لأجعل ما يناله من ألم الضرب مسقطا لما أستحقه من الدراهم عليه؟ وتذمه العقلاء ويسفهونه، ويقولون له فهلا وهبتها له، وأسقطتها عنه من غير حاجة إلى أن تضربه وتؤلمه! والبحث المستقصى في هذه المسائل مذكور في كتبي الكلامية، فليرجع إليها. وأيضا فإن الآلام قد تنزل بالأنبياء وليسوا ذوي ذنوب ومعاص ليقال: إنها تحطها عنهم.
فأما قولة (عليه السلام): " وإنما الاجر في القول... " إلى آخر الفصل، فإنه (عليه السلام) قسم أسباب الثواب أقساما، فقال: لما كان المرض لا يقتضى الثواب لأنه أو ليس فعل المكلف - وإنما يستحق المكلف الثواب على ما كان من فعله - وجب أن يبين ما الذي يستحق به المكلف الثواب، والذي يستحق المكلف به ذلك أن يفعل فعلا إما من أفعال الجوارح، وإما من أفعال القلوب، فأفعال الجوارح إما قول باللسان أو عمل ببعض الجوارح وعبر عن سائر الجوارح - عد اللسان - بالأيدي والاقدام، لان أكثر ما يفعل بها، وإن كان قد يفعل بغيرها نحو مجامعة الرجل زوجته إذا قصد به تحصينها وتحصينه عن الزنا، ونحو أن ينحى حجرا ثقيلا برأسه عن صدر إنسان قد يقتله، وغير ذلك، وأما أفعال القلوب فهي العزوم والإرادات والنظر والعلوم والظنون والندم، فعبر (عليه السلام) عن جميع ذلك بقوله: " بصدق النية والسريرة الصالحة، واكتفى بذلك عن تعديد هذه الأجناس.
فإن قلت: فإن الانسان قد يستحق الثواب على ألا يفعل القبيح، وهذا يخرم الحصر الذي حصره أمير المؤمنين؟
قلت: يجوز أن يكون يذهب مذهب أبي على في أن القادر بقدرة لا يخلو عن الاخذ والترك.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407