الا الله الواحد القهار; الذي إليه مصير جميع الأمور.
بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها.
لم يتكاءده صنع شئ منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما براه وخلقه، ولم يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور، ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها. ثم هو يفنيها بعد تكوينها; لا لسام دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصله إليه، ولا لثقل شئ منه عليه، لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها، ولكنه سبحانه دبرها بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشئ منها عليها، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس، ولا من حال جهل وعمى إلى علم والتماس، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة.
* * * الشرح:
شرع أولا في ذكر اعدام الله سبحانه الجواهر وما يتبعها ويقوم بها من الاعراض قبل القيامة، وذلك لان الكتاب العزيز قد ورد به، نحو قوله تعالى ﴿كما بدانا أول خلق نعيده﴾ (١) ومعلوم انه بداه عن عدم، فوجب أن تكون الإعادة عن عدم أيضا وقال تعالى ﴿هو الأول والاخر﴾ (2); وإنما كان أولا لأنه كان موجودا، ولا شئ من