الأصل:
هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته، والعالي على كل شئ منها بجلاله وعزته، لا يعجزه شئ منها طلبه، ولا يمتنع عليه فيغلبه، ولا يفوته السريع منها فيسبقه، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه..
خضعت الأشياء له، وذلت مستكينة لعظمته، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه وضره، ولا كفء له فيكافئه، ولا نظير له فيساويه.
هو المفنى لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها، وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من انشائها واختراعها. وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها - من طيرها وبهائمها، وما كان من مراحها وسائمها، وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة أممها وأكياسها - على احداث بعوضة، ما قدرت على إحداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى ايجادها، ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت، وعجزت قواها وتناهت، ورجعت خاسئة حسيرة، عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن انشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها.
* * * الشرح:
الظاهر: الغالب القاهر; والباطن: العالم الخبير.
والمراح بضم الميم النعم ترد إلى المراح بالضم أيضا; وهو الموضع الذي تأوي إليه النعم، وليس المراح ضد السائم على ما يظنه بعضهم، ويقول إن عطف أحدهما على الاخر عطف