فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس عرضه على أمير المؤمنين عليه السلام فضحك وقال قاتل الله ابن العاص ما أغراه بك يا عبد الله أجبه وليرد إليه شعره الفضل بن العباس فإنه شاعر فكتب ابن عباس إلى عمرو: أما بعد فإني لا أعلم أحدا من العرب أقل حياء منك إنه مال بك معاوية إلى الهوى فبعته دينك بالثمن اليسير ثم خبطت الناس في عشوة طمعا في الدنيا فأعظمتها إعظام أهل الدنيا ثم تزعم أنك تتنزه عنها تنزه أهل الورع فإن كنت صادقا فارجع إلى بيتك ودع الطمع في مصر والركون إلى الدنيا الفانية واعلم أن هذه الحرب ما معاوية فيها كعلى بدأها على بالحق وانتهى فيها إلى العذر وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف وليس أهل العراق فيها كأهل الشام، بايع أهل العراق عليا، وهو خير منهم، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه ولست أنا وأنت فيها سواء، أردت الله وأردت مصر، وقد عرفت الشئ الذي باعدك منى ولا أعرف الشئ الذي قربك من معاوية، فإن ترد شرا لا نسبقك به وان ترد خيرا لا تسبقنا إليه والسلام.
ثم دعا أخاه الفضل، فقال: يا بن أم أجب عمرا فقال الفضل:
يا عمرو حسبك من مكر ووسواس * فاذهب فليس لداء الجهل من آس إلا تواتر طعن في نحوركم * يشجي النفوس ويشفى نخوة الرأس اما على فان الله فضله * بفضل ذي شرف عال على الناس إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيس ة * أو تبعثوها فانا غير انكاس (1)