والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي ما يمضى الباقي!
ألا فاذكروا هاذم اللذات، ومنغص الشهوات، وقاطع الأمنيات، عند المساورة للأعمال القبيحة، واستعينوا الله على أداء واجب حقه، وما لا يحصى من أعداد نعمه وإحسانه.
* * * الشرح:
لما كان الماضي معلوما جعل الحمد بإزائه، لان المجهول لا يحمد عليه، ولما كان المستقبل غير معلوم جعل الاستعانة بإزائه، لان الماضي لا يستعان عليه، ولقد ظرف وأبدع عليه السلام في قوله: " ونسأله المعافاة في الأديان، كما نسأله المعافاة في الأبدان "، وذلك أن للأديان سقما وطبا وشفاء، كما أن للأبدان سقما وطبا وشفاء، قال محمود الوراق:
وإذا مرضت من الذنوب فداوها * بالذكر إن الذكر خير دواء والسقم في الأبدان ليس بضائر * والسقم في الأديان شر بلاء وقيل لأعرابي: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قيل: فما تشتهى؟ قال: الجنة، قيل:
أفلا ندعو لك طبيبا؟ قال: الطبيب أمرضني.
سمعت عفيرة بنت الوليد البصرية العابدة رجلا يقول: ما أشد العمى على من كان بصيرا! فقالت: عبد الله! غفلت عن مرض الذنوب، واهتممت بمرض الأجساد، عمى القلوب عن الله أشد من عمى العين عن الدنيا، وددت أن الله وهب لي كنه محبته، ولم يبق منى جارحة إلا تبلها (1).
قيل لحسان بن أبي سنان في مرضه: ما مرضك؟ قال: مرض لا يفهمه الأطباء، قيل: