الجوزي من الحنابلة، وسبطه من الحنفية، وكذلك رد الإمام حافظ المغرب أبو عمر بن عبد البر المالكي على من تكلم في أبي حنيفة، واشتد بعض الذين ردوا على الخطيب في الإنكار حتى نال من عفته ودينه (1).
وهذا كله يدلك على أن الاقرار بإمامة أبي حنيفة، والثناء عليه في الفقه والحفظ للحديث موضع اتفاق السلف والخلف وأنه قد تواتر النقل عنهم في ذلك، وها هو الامام مالك لما قال له الليث بن سعد:
" أراك تعرق " فأجابه قائلا: عرقت مع أبي حنيفة إنه لفقيه يامصري (2) " والاعتراف له بأنه فقيه اعتراف له بكل خير، وقد تواتر عن الشافعي قوله: " الناس كلهم عيال في الفقه على أبي حنيفة ".
وكان الامام رضي الله عنه لشدة احتياطه لا يجيز لأحد أن يحدث بالمعنى، بل لا بد أن يروي الحديث باللفظ، وكان لا يحدث الا بما حفظ من اللفظ. وقد أثنى عليه المحدثون وأخذوا بفقهه، قال إمام هذا الشأن يحيى بن معين: " ثقة لا يحدث إلا بما يحفظه ولا يحدث بما لا يحفظه ". وقال ابن معين أيضا: " كان أبو حنيفة ثقة في الحديث ".
وقال إمام أهل زمانه (3) في الحديث يحيى بن سعيد القطان: " لا نكذب الله ما سمعنا أحسن من رأى أبي حنيفة وقد أخذنا بأكثر أقواله " وقد