به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة وبالصدقة والصلة، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وهو نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظن أنه منكم، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن [كذا] قدميه، ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه فإذا هو:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين، و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) الآية.
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات وأخرجنا، قلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر [بلغ] أمر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام. وكان ابن ناطور - وهو صاحب إيليا - وهرقل [أ] سقفة على نصارى الشام - يحدث أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يوما خبيث النفس، فقال له بعض بطارقته: لقد أنكرنا هيأتك، فقال ابن ناطور، وكان هرقل رجلا [حزاء] ينظر إلى النجوم، فقال لهم حين سألوه:
إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمم؟ قالوا: ليس يختتن غير اليهود، فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود، فبينا هم على أمرهم ذلك أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبره عن خبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما استخبره هرقل، قال: اذهبوا فانظروا [أ] مختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوا أنه مختتن، فسأله عن العرب أيختتنون؟ فقال: نهم هم يختتنون،