وهذه فائدة عظيمة تبين القدر الذي استدركه ابن حبان من الأحاديث التي هي على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما، ولم يخرجاها في كتابيهما.
غير أن قولي في حديث ما: إسناده صحيح على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم، أو على شرط الصحيح، إنما أعني به: أن رجال السند ما عدا شيخ المصنف هم بهذا ه المنزلة وأنهم ممن احتج بهم الشيخان أو أحدهما، وليس ممن خرجا له استشهادا، أو متابعة، أو تعليقا، ولا ممن هو موصوف بتدليس أو تخليط، فإنهما - رحمهما الله - ينتقيان من حديث من تكلم فيه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلا، ومن حديث المدلس ما صرح بالسماع فيه، ومن حديث المختلط بأخرة ما رواه الثقة عنه قبل اختلاطه.
فالحكم لراو بمجرد رواية البخاري ومسلم أو أحدهما عنه في الصحيح بأنه من شرط الصحيح مزلق خطر، وتساهل غير مرضي، وقع لأبي عبد الله الحاكم في كتابه الذي استدرك فيه على " الصحيحين " فإنه يقول: هذا حديث على شرط الشيخين أو أحدهما، ويكون فيه راو موصوف بما تقدم ذكره، وقد نبه على تساهله هذا غير واحد من جهابذة هذا الفن ونقاده.
ولم أرد بقولي: إسناده صحيح على شرطهما، أو شرط أحدهما، تعقب الشيخين وإلزامهما بهذه الأحاديث التي استوفت الشروط التي التزماها لإخراج الصحيح، لأنهما رحمهما الله ذكرا أنهما لم يكونا يقصدان استيعاب جميع الأحاديث الصحيحة في كتابيهما كما بينت ذلك في أول المقدمة، وإنما ذكرت ذلك لبيان أن عددا غير قليل من الأحاديث التي لم ترد عندهما هي مستوفية لشوط الصحة التي اشترطاها في كتابيهما.
وإذا لم يكن الحديث على شرطهما أو أحدهما، فقد حكمت عليه بما يليق بحاله الأخذ من صفات رجاله من الصحة أو الحسن أو الضعف.