وتطاوعا ولا تختلفا وفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه يسروا ولا تعسروا واسكنوا ولا تنفروا إنما جمع في هذه الألفاظ بين الشئ وضده لأنه قد يفعلهما في وقتين فلو اقتصر على يسروا لصدق ذلك على من يسر مرة أو مرات وعسر في معظم الحالات فإذا قال ولا تعسروا انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه وهذا هو المطلوب وكذا يقال في يسرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا لأنهما قد يتطاوعان في وقت ويختلفان في وقت وقد يتطاوعان في شئ ويختلفان في شئ وفي هذا الحديث الأمر بالتبشير بفضل الله وعظيم ثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته والنهي عن التنفير بذكر التخويف وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير وفيه تأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليهم وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان ومن بلغ ومن تاب من المعاصي كلهم يتلطف بهم ويدرجون في أنواع الطاعة قليلا قليلا وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج فمتى يسر على الداخل في الطاعة أو المريد للدخول فيها سهلت عليه وكانت عاقبته غالبا التزايد منها ومتى عسرت عليه أو شك أن لا يدخل فيها وإن دخل أو شك أن لا يدوم أو لا يستحليها وفيه أمر الولاة بالرفق واتفاق المتشاركين في ولاية ونحوها وهذا من المهمات فإن غالب المصالح لا يتم إلا بالاتفاق ومتى حصل الاختلاف فات وفيه وصية الإمام الولاة وإن كانوا أهل فضل وصلاح كمعاذ وأبي موسى فإن الذكرى تنفع المؤمنين قوله (حدثنا محمد ابن عباد حدثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن أبي بردة) هذا مما استدركه الدارقطني رجال لم
(٤١)